-->
عاجل

على أرض عربية، تدشين مؤسسة «تكوين».. عرض للفكر العلماني في ثوب جديد، تحت ستار "التنوير"

 


 لا تزال مؤسسة "تكوين" المثيرة للجدل في مصر، تشهد عدداً من الاتهامات وشد وجذب حولها وحول مؤسسيها، فرغم مرور أسبوع واحد فقط منذ بدء أولى جلساتها النقاشية، إلا أن ما تم اتخاذه من خطوات قانونية وبلاغات ضدها أمام النائب العام لا تزال مستمرة على مدار الساعة. وكان انطلاق مؤسسة "تكوين الفكر العربي، بمثابة القنبلة المدوية في مصر، حيث استحوذت أخبار المؤسسة على اهتمام الشارع المصري ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، و البرامج الحوارية التليفزيونية، ما بين مؤيد للنقاش وإعمال الفكر وتجديد الخطاب الديني، ومعارضين آخرين يرون في المؤسسة الهدم في ثوابت الدين والدعوة الى الإلحاد، وهو ما نفته المؤسسة و كوادرها أكثر من مرة.

 

عبد الله رشدي : مركز تكوين يهدف إلى إقصاء الشريعة الإسلامية من المجتمع

عبر صفحته على الفيسبوك، قال الشيخ عبد الله رشدي، أنه تم الإعلان عن تدشين مؤسسة جديدة تحت مسمى ""تكوين" مشيرا إلى أن اختيار هذا المصطلح ليس عشوائيا، فليس مصادفة أن يكون اسم المؤسسة هو نفس اسم أول سفر من التوراة، وهو (سفر التكوين)، وبكلام مطاط، زعمت المؤسسة أنها تهدف إلى وضع الثقافة والفكر العربي في أطر جديدة، وتمهيد السبيل نحو فكر عربي مستنير؛ للوصول إلى صيغة جديدة في التعامل مع الموروث الديني باعتبار أن بعض تأويلاته القديمة أدت بالمجتمعات العربية إلى مآزق اجتماعية ودينية وفكرية، مما أدى إلى احتضان مجتمعنا لأفكار متطرفة وتأويلات رجعية أساءت للدين!

وتابع "رشدي" مثل هذه العبارات المطاطة تحمل معان خفية، فبالنظر إلى النتاج الفكري لهذه المؤسسة نجد أنها تسعى إلى عرض الفكر العلماني في ثوب جديد تحت ستار "التنوير"، بمعنى أبسط، استبدال كلمة العلمانية، السيئة السمعة  التي تعني إقصاء الدين عن الدولة والمجتمع، بمسمى "التنوير" . كما أن الفيديوهات التي يظهر فيها القائمون على تلك المؤسسة بمثابة الحقن تحت الجلد، بعرض أمر من أمور الدين، ثم التشكيك به، ليترك المشاهدين في حيرة من أمرهم.

محمد الأزهري : مركز تكوين يضم أشخاصا يشككون في السنة والعقيدة

وعبر برنامج الحكاية، استهل الدكتور علي محمد الأزهري، عضو هيئة تدريس قسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف،  كلمته بمثال، "حينما يشعر أي شخص بألم في أسنانه يذهب لمختص وهو طبيب الأسنان، وعندما تتعطل أحد الأجهزة الكهربائية، نذهب إلى مختص في تصليحها، فلماذا أمور الدين بالذات لا يسألون فيها أهل التخصص، وأهل الذكر!" ثم تابع كلمته بطرح مجموعة من الأسئلة، ما هي دراسة هؤلاء القائمين على تلك المؤسسة، كي يتحدثوا في أمور الدين!؟ لماذا الدين بالذات مستهدف من هؤلاء؟ وكيف لأحد القساوسة أن يتحدث عن تجديد الخطاب الديني الإسلامي!؟ ولماذا لا يتجه هؤلاء بالحديث عن تجديد الخطاب في المسيحية أو اليهودية!؟

وتابع "الأزهري" أن مركز تدشين مركز تكوين العربي هو دعوة صريحة للإلحاد، والتشكيك والطعن في الثوابت الدينية الإسلامية، وله تمويل ضخم وإعلانات ممولة وبرامج ينفق عليها أموالا لا حد لها.

أو ضح أن مركز تكوين يضم أشخاصا يشككون في السنة والعقيدة، مؤكدا على أن العقائد في الإسلام "خط أحمر" لا يجب الاقتراب أو المساس بها؛ حتى لا تحدث فتنة وبلبلة بين الناس، وحتى لا يشكك الناس في أمور دينهم، مشيرا إلى أن التجديد في الدين له شروط وضوابط وآليات محددة ومعينة، وأن الأمر ليس على إطلاقه.

شروط المجدد

1. أن يكون المجدد من الفرقة الناجية: بمعنى ألا يكون المجدد من فرقة ضالة منحرفة، لأنه سيجدد على ضوء انحرافه وابتعاده عن الدين، فربما أصاب الدين بالفساد والانحراف تبعاً لتصرفاته وعقيدته المنحرفة. وقد جاءت الأحاديث وأقوال السلف موضحة لصفات الفرقة الناجية.. وليس المجال مجال سردها، فليرجع إلى مظانها!

2. أن يكون لدى المجدد الحد الكافي من العلم الشرعي: وبعض أهل العلم اشترط أن يكون مجتهداً ويمكن أن يضبط هذا الشرط ويقال: إن كان التجديد كلياً فيجب أن يكون الشخص المجدد مجتهداً مطلقاً، وإن كان التجديد جزئياً فيكفي أن يكون المجدد مجتهداً في المسألة والقضية التي سيجدد فيها. وهذا أقرب الأقوال إلى الصواب في مسألة هذا الشرط.

الدكتور أحمد كريمة : الأزهر الشريف وحده مسؤول عن أمور الدين

وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن مرد التجديد الإسلامي مرده في القرءان الكريم والسنة النبوية إلى العلماء التخصصيين، واستدل بالآية الكريمة، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم : - يحمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الغالينَ وانتحالَ المبطلينَ وتأويلَ الجاهلينَ.

وأوضح أن الدستور المصري الساري في مادته السابعة ينص على أن : الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسي فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم.

وناشد "كريمة" الدولة المصرية بأن تحترم دستورها الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، رافضًا وجود مؤسسة تكوين وكل ما يماثلها أو يناظهر من المؤسسات التي تطعن في الإسلام.

الشيخ محمد حسان : القائمون على مركز تكوين نباشون لقبور الشبهات

وفي نفس السياق، قال الشيخ محمد حسان عبر برنامجه على قناة الرحمة : إن مركز تكوين مدعوم بسخاء للتشكيك في ثوابت الدين وإنكار السنة والطعن في السيرة النبوية المطهرة تحت مسميات خبيثة كالتنوير والتفكير والتجديد، وفي الحقيقة القائمون على هذا المركز نباشون لقبور الشبهات والضلالات، يرتدون زي المصلحين والحكماء، وهم في الحقيقة فتنة للجهلاء. قال رب الأرض والسماء، وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) ، أي أن يجادلوا في الله جل وعلا، وفي دينه بلا عقل صحيح، ولا نقل صريح، بل بمجرد الرأي والهوى، ثاني عطفه أي لاويا، عنقه، ورقبته، مستكبرا على الحق.

وتابع "حسان" إن هؤلاء الذين يسمون بالنخبة من رجال الفكر والثقافة والأدب، أساءوا قبل ذلك الأدب مع الله ومع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتهكموا على القرآن، واستهزأوا  به، وبالسنة الصحيحة الثابتة، وطعنوا  في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.

وتساءل، لماذا؟ يريدون الآن أن يشككوا المسلمين عامة، وأولادنا خاصة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم؟ والجواب، لأنهم يريدون أن يفرقوا بين الأمة وبين أسوتها، وقدوتها عليه الصلاة والسلام، حتى لا تتربى الأمة ولا الأجيال الناشئة الصاعدة على سيرته، كأعظم منهج عملي للتربية بالقدوة، ولا يريدون أن يعرف شبابنا حجم التضحيات التي بذلها الصحابة رضي الله عنهم لنصرة هذا الدين في مدة لا تساوي في حساب الزمن شيئا على الإطلاق، وظنوا أنهم بذلك قد استطاعوا أن يشككوا الناس في أصدق وأطهر وأشرف سيرة.

بلاغات ضد مؤسسة تكوين

وقدم الكاتب الصحافي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، أمس الأحد، بيانًا عاجلًا إلى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ورئيس مجلس النواب المستشار حنفي الجبالي، بعد الإعلان عن إطلاق مركز "تكوين"، اتهمه فيه ببث البلبلة والطعن في الثوابت الدينية للمجتمع.

وقال النائب مصطفى بكري في تصريحات له: "إن ذلك مخالفًا للنصوص الدستورية والقانونية لذلك أطلب مناقشة البيان العاجل المقدم حفاظًا على أمن المجتمع واستقراره، وحماية ثوابتنا الدينية القيمة من هذا النهج الذي سيؤدي في النهاية إلى إثارة الفتنة في البلاد".

وتقدم المستشار مرتضي منصور رئيس نادي الزمالك السابق، ببلاغ الى النائب العام ضد من أسماهم بـ"الملحدين"، وأقام دعوي لإلغاء الترخيص الصادر بإنشاء مؤسسة "تكوين" والتي اتهمها بأنها تهدف لهـدم ثوابت الدين الاسلامي، ووصف تمويلها بـ"التمويل الصهيـوني".

وقال منصور في بيانه على صفحته على موقع التواصل "فيسبوك": "يطلقون على أنفسهم التنويريين وهم في الحقيقة غارقون في ظلام كفـرهم الذين يتوهمون أنهم قادرون على إطفاء نور الله بأفواههم الذي ينير القلوب والعقول"، وتابع في بيانه: "هذا الكيان أخطر من الكيان الصهيـوني مهمته هي محـاربة الإسلام وتفتيت وحدة المسلمين".


وعليه أمر النائب العام يأمر بإيقاف مركز تكوين، وإحالة المسئولين عنه إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق."وقد جاء حيثيات الإحالة بأن المحالين قد عكفوا بصفة دورية ومسلسلة ومعروضة على العامة على استغلال تدويناتهم المكتوبة عبر حساباتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال الندوات العامة أو البرامج التلفزيونية على بث أفكارهم المتطرفة تحت ستار الدين بالتشكيك في ثوابت الدين الإسلامي والسنة النبوية المطهرة بزعم تجديد الخطاب الديني والتنوير وتعمدهم إعطاء المعلومات المغلوطة للجماهير  والتشكيك في الثوابت وعلم الحديث دون امتلاكهم لأي سند صحيح. 

 

 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم